الجمعة، 18 ديسمبر 2009

ثورة الغضب على الحجاب

ثورة الغضب على الحجاب

حياة و موت.. إمرأة إيرانية شجاعه.


كان قبل ست أو سبع سنوات تقريباً عندما تواصلت مع الكاتبه برفين دارابي بدون ان اعرف اصلاً من هي و لا كتابها الشهير : ثورة الغضب على الحجاب و الذي نشر باللغة الأنكليزيه ويتناول وضع المرأه في جمهورية ظلم إسلامي إيران.

كنت في عملية بحث عن الكتابات الإلحاديه عندما أرسلت ملاحظة الى موقعها، فردت علىَ بإيميل، وبعدد ان تبادلنا بعض المراسلات و الاراء سألتني إن كنت قد قرأت كتابها؟ فشعرت بالحرج عندها لأنني لم أعرف انها كاتبه، فطلبت الكتاب من امازون دوت كووم ..واليوم و أنا ابحث بين كتبي وجدته.

برفين دارابي تحكي في هذا الكتاب قصة شقيقتها الدكتوره هوما دارابي. وهو تقرير رهيب عن كيف من الممكن أن تكون الحياة لأنسان حر.. في دولة إسلاميه ظالمه و داخل مجتمع إسلامي صارم.



كيف تقدر ان تعيش إمرأة مثقفة عالية التعليم، موهوبه و نشطة سياسياً، إمرأة حرة واثقة من نفسها تعرف ماذا تريد من الحياة ..داخل مجتمع و دولة إسلاميه؟ هذا ماتحاول برفين دارابي شرحه لنا من خلال قصة حياة اختها المأساويه. انه شرح لما سيحدث للمرأه في مجتمع عقائدي ثيولوجي كالذي يريد الاسلاميون إقامته في بلاد الرمال، انها صيحة تحذير ، انها رنة منبه الساعه لنستيقظ قبل ان يواجهنا المُستقبل المُظلم لو ان هؤلاء المُسلمين تمكنوا من إقامة دولة الخلافه أو الاماره الاسلاميه في بلادنا العربيه.



برفين دارابي تحكي كل هذا في مثال واحد فقط، انه قصة شقيقتها هوما والتي انتحرت بحرق نفسها حتى الموت في طهران. .فما دفعها الى هذا اليأس ياترى؟

يسأل المرءُ نفسه لماذا قامت إمرأة مثل هوما بهذا؟ مالذي اجبرها على القيام بذلك وهي واحده من ابرز الأطباء النفسيين المتخصصين في العلاج النفسي للأطفال؟ هوما دارابي كانت مرخصه لممارسة الطب النفسي في علاج الاطفال في ٤۹ ولايه في الولايات المتحده، وكانت متزوجه و ربت ابنتين ناجحتين بحياتهما. لقد كانت اول إمرأه إيرانيه في التاريخ تترخص من قبل المجلس الأمريكي للطب النفسي الأمراض العصبيه. هوما كانت تملك عياده نفسيه متخصصه لعلاج الأطفال كانت الأولى من نوعها في إيران حيث كان علاج حالات هؤلاء الأطفال في بلادها قبل ذلك مُستعصياً.

للأسف ، بلدها الأصلي إيران لم يُقدر كل هذه الكفاءات، فسياسيون جمهوري إسلامي مشغولون بحزب الله و نصر الله وصدر الله و تصدير الثوره الإسلاميه الى البحرين و الكويت و الإمارات و اليمن و مصر و باقي بلاد الرمال. المجتمع الإيراني لايعير كثيراً من الأهميه لإنجازات النساء و مُساهماتهن وخاصة بعد الإنقلاب الخوميني المُسمى بالثورة الإيرانيه. على فكره الخوميني وصف المرأه الإيرانيه اثناء الاضطرابات بأنها ابنة إيران الشجاعه..ومن بعد ما إستلم السلطه، سرعان ماتغيرت لهجته فأرسل جنده الى الشوارع يبشطون اذرعتهن بالامواس الحاده لينشر الخوف بينهن، حتى تمكن في النهايه و رغم الاحتجاجات من تحجيبهن و إخضاعهن بقوة سكاكين وهروات الحرس الثوري المُسلطة على رقابهن.



خوميني و اثناء ثورته المزعومه و عد النساء بمزيد من الحريه، ولكن بدلاً من ذلك فرض عليهن مزيداً من القمع، اخذ حريتهن في اللباس والتي تمتعن بها في قرابة قرن كامل ، حدد تواجدهن في الأماكن العامه، حدد علاقتهن مع الرجل..وبالمقابل فتح الباب امام الرجل الأيراني من خلال إعادته لتعدد الزوجات الذي لم يكن مسموحاً به ايام شاه ايران بدون إذن الزوجه ، كما فتح المجال لزيجات المتعه ( الدعاره الاسلاميه ) وخاصة للملالوه و اصحاب العمائم ( اقرأ هذا في بلوغ اسيريان اثييست) . على اوسع نطاق. وكذلك الغي تماماً حق المرأه في الطلاق من تلقاء نفسها و الذي كان معمولاً به قبل تشريف حضرت جناب ملا روح الله زفت الله خوميني.

هوما دارابي كانت نشطة سياسياَ منذ ان كانت طالبة جامعيه و هو وضع عادي في إيران في السبعينيات ، حيث ان الطلبه كانوا دائماً يشكلون ضغطاً و معارضة ضد الحكومة آنذاك في القضايا السياسيه. هؤلاء الطلبه انفسهم كانوا من المشاركين في الاحتجاج ضد شاه إيران و دعم التغيير الذي لا يفهم احد حتى اليوم كيف ان الإسلاميين الملالوه كانوا المستأثرين به لوحدهم رغم مشاركة كل القوى السياسيه فيه.



طالبت هوما دارابي هي وغيرها من النساء بأن تفي الحكومه الجديده بوعودها و أن تقيم الاصلاحات التي وعدت بها من أن أن تكون الحكومه علمانيه ديمقراطية وطالبت بإزالة الإداره الثيوقراطيه التي تم تاسيسها و فرضها – كان ذلك من دون جدوى. بسبب هذه المعارضه و لأن معتقداتها كانت مختلفه عمّا تريده الحكومه الإسلاميه.. تم في نهاية المطاف إقالتها من وظيفتها في المستشفى حيث تعالج الأطفال.. كما الغيت رخصة عيادتها الخاصة و حقها في ممارسة مهنة الطب النفسي.

الجزء الغريب من حياة هوما كان زوجها، والذي كان إنساناً تقليدياً غيوراً من النوع الذي يحس بالتهديد و ضعف الشخصيه امام المرأه الناجحه الذكيه. لقد حاول دائماً السيطرة عليها و على مشاعرها اثناء حياتهما معاً وحاول كثيراً ان يثنيها عن الذهاب الى الولايات المُتحده للدراسه، ولكنه قبل اخيراً بعد ان إقترحت عليه ان يرافقها بنفسه ويدرس هو الاخر هناك.

تكتب برفين أن زوج شقيقتها و رغم قبوله على مضض كان يتجنب وهو بأمريكا حتى أكل الطعام الأمريكي فقد كان رافضاً و كارهاً لكل شيء تقوم به زوجته، إلا ان اكبر صدمة تعرضت إليها هو ماقام بعد قيام الثوره الاسلاميه.



إستغل زوج هوما تغيير القوانين في جمهوري إسلامي إيران الجديده ليتخذ زوجة جديده، اصغر عمراً من هوما ، زوجة محجبة بالشادور..مطيعة تسمع الكلام ليحرق بذلك قلبها وقد فعل ذلك بدون الحصول على موافقتها كما كانت تقتضي القوانين في السابق.

باءت محاولات هوما بالفشل و هي تحارب ذلك الزواج من خلال القضاء الإيراني، من الواضح ان التغيير صار ينصب في مصلحة الرجل ، بينما فقدت هي كل القدره على ضمان حتى حقوق ابنتيها. في الدوله الاسلاميه و شرع رب الرمال..الرجل هو صاحب الأمر والنهي والمرأه ليس لها إلا طاعته. كانت هذه فرصة إنتقامه منها ومن حريتها، فرصة إذلالها لأنها كانت دائماً أذكى و اقوى و أكثر نجاحاً منه.

اصدر الملالوه في جمهوري إسلامي إيران ايامها قراراً سرياً بأن الفتيات اللاتي يعارضن الحكم الاسلامي لا يتم الحكم عليهن بالإعدام فقط ..بل يتم إغتصابهن قبل إعدامهن! أتدرون لماذا؟

كانت هناك فتوى تقول ان العذراء إذا ماتت تذهب للجنه، فهذا الإغتصاب كان لمنع وصول هؤلاء النساء العذروات المُعارضات من الوصول الى جنة الملالوه..أنا لا امزح هذه حقيقه.

مالذي حدث لهوما دارابي؟ تابعوني.

في مجتمع الدوله الإسلاميه الجديد و حماسة المجتمع للخرافه الجديده..ُكسرت هوما درابي كإنسانه.. كُسرت من قبل اسرتها.. كُسرت من قبل زوجها..كُسرت من قبل زملائها.. كُسرت من قبل مُجتمعها. لقد اصبحت مجرد إمرأه، وهذا يعني انها اصبحت بلا قيمه مهما كانت. إنها لاتستطيع ان تكون بمقدار الرجل..مهما كانت و مهما ساهمت ومهما كان هو اقل منها..حتى لو كانت احد أكثر الأطباء في إيران و الشرق الأوسط تأهيلاً ، فهي النهايه مُجرد ربة بيت صامته ..لا دور لها إلا تربية بناتها وانتظار عودة زوجها من بيت زوجته الثانيه.

لقد فشلت هوما درابي بعد كل انجازات حياتها..فشلت كأم.. و فشلت كزوجه.. و فشلت كإنسانه.. و فشلت كطبيبه..مالذي بقى لها؟

بقى لها الألم العاطفي..الألم النفسي، هي ممنوعة حتى من السفر والهروب بحياتها الى اي مكان في هذه الدنيا. تخيل نفسك او تخيلي نفسك في هذا السجن الإسلامي الفاشي الشنيع..ليس هناك من طوق نجاة ، هناك فقط طريق واحد هوالعيش مقبورة في بيتك.



ذهبت هوما الى ساحة عامه بطهران و سكبت البنزين على نفسها ثم اضرمت النار بجسدها إحتجاجاً على هذا الوضع أملاً ان يوقظ هذا وعي البشر المُخدرين بالدين وأكاذيبه ..فقد يفتح هذا طريقاً جديدا ومخرجاً من هذا اليأس لحياة افضل لنساء بلادها المنكوبه في المستقبل .

هوما زهرة ماتت...لتنبت من بعدها زهور الحريه.

بن كريشان

http://benkerishan.blogspot.com/2009/12/blog-post_18.html

هناك 3 تعليقات:

  1. الحجاب هو رمز عفة وطاهرة المراءة المسلمة وليس كما تدعون

    ردحذف
  2. مرحبا عزيزي الملحد

    بالرغم من أني كنت في إسلامي كارها للدخول في المناقشات الفقهية , إلا أني كتبت بالأمس مقالا يبين أن الحجاب لم يكن أصلا من الأصول الإسلامية , وشرحت هذا لأمر باستفاضة لعل المسلمون يدركون كم هو مقدار التلاعب بدينهم الذي يزعمون إلوهيته

    سعيد بزيارة مدونتك و واستمر

    خلينا على تواصل


    تحياااااااااااااااااتي لك


    ودمت سالما

    ردحذف
  3. نعم عزيزى اتفق معك تمام ان الحجاب مجرد رمز لا اكثر وليست عبادة كما يدعى المسلمين
    سعيد بمروك
    واتشرف بمعرفتك

    ردحذف

عزيزى الراغب فى التعليق
يرجوا ان يقتصر تعليقك على الحوار البناء والهادف
نرجوا الأبتعاد عن السب والشتيمة كى لا يحذف تعليقك